حين يمر الوقت... تبقى المعرفة
تنويه: جميع المعلومات على هذا الموقع لأغراض تعليمية فقط ولا تُعتبر نصيحة استثمارية. اقرأ المزيد هنا.
×

مساعد الذكاء الاصطناعي

اسأل عن أي عملة أو تحليل:

الحرب بين إسرائيل وإيران تهز أسواق المال العالمية

الحرب بين إسرائيل وإيران تهز أسواق المال العالمية

الحرب بين إسرائيل وإيران

13 يونيو 2025

تشهد أسواق المال العالمية اليوم تقلبات حادة في ظل اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران وتصاعد التوترات في الشرق الأوسط. فقد أثرت هذه المواجهة العسكرية بشكل فوري على مختلف الأصول المالية؛ حيث قفزت أسعار النفط والذهب كملاذات آمنة، في حين تعرضت البورصات العالمية لخسائر واضحة مع عزوف المستثمرين عن المخاطر بحثًا عن الأمان.

قفزة في أسعار النفط والذهب وسط التوترات

ارتفعت أسعار النفط بشكل كبير بفعل المخاوف من تعطل الإمدادات جراء الصراع. وبحسب تقرير لوكالة رويترز، سجل خام برنت قفزة بنحو 7% ليغلق قرب 74.23 دولار للبرميل، بعد أن كان قد صعد أكثر من 13% خلال الجلسة مسجلاً أعلى مستوى له منذ يناير0. كما أنهى الخام الأمريكي (WTI) الأسبوع على ارتفاع بأكثر من 7% عند حوالي 72.98 دولار للبرميل1. وتعكس هذه المكاسب تخوف الأسواق من أن تؤدي المواجهات إلى تعطيل واسع لصادرات النفط من الخليج.

على الجانب الآخر، اتجه المستثمرون نحو الملاذات الآمنة مثل الذهب. وارتفعت أسعار الذهب بنحو 1.5% في نهاية تعاملات يوم الجمعة، لتعزز مكاسبها الأسبوعية إلى أكثر من 3%2. وجاء هذا الصعود مع تصاعد التوتر الجيوسياسي بعد ضربات إسرائيل وإطلاق إيران لصواريخ انتقامية، مما دفع المستثمرين إلى البحث عن الأصول الآمنة لحماية رؤوس أموالهم. وبالفعل، أظهرت الأسواق العالمية إقبالاً واضحًا على الملاذات التقليدية كالذهب والعملات القوية؛ إذ أكد تقرير لوكالة رويترز اندفاع المستثمرين نحو الذهب والدولار الأمريكي والفرنك السويسري في ظل تصاعد التوتر3.

تراجع عالمي في أسواق الأسهم

تكبدت أسواق الأسهم حول العالم خسائر فورية مع انتشار أنباء التصعيد العسكري. وتخلّى المستثمرون عن الأصول الخطرة وسط مخاوف من توسع رقعة الحرب وتأثيرها على الاقتصاد. ففي وول ستريت، أنهى مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأمريكي الجلسة على انخفاض بحوالي 1.13%، بينما تراجع مؤشر ناسداك التكنولوجي بنحو 1.3%، وهبط داو جونز الصناعي بنسبة 1.8%4. وتُعد هذه أسوأ خسائر يومية للمؤشرات الأمريكية منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، لتنهي بذلك سلسلة مكاسب استمرت لأسبوعين قبل اندلاع الأزمة5. وشملت موجة التراجع معظم القطاعات، باستثناء أسهم شركات الطاقة والدفاع التي حققت مكاسب مع ارتفاع أسعار النفط وإقبال المستثمرين على أسهم الصناعات العسكرية6.

الوضع نفسه انسحب على البورصات العالمية في أوروبا وآسيا. فقد أغلق مؤشر ستوكس أوروبا 600 واسع النطاق منخفضًا بحوالي 0.9% مسجلًا أدنى مستوى له في ثلاثة أسابيع7، كما هبط مؤشر داكس الألماني بنحو 1.1% خلال الجلسة8. وفي آسيا، تراجع مؤشر نيكاي الياباني بنحو 0.9% في تداولات الجمعة مع انتقال عدوى القلق إلى أسواق الشرق الأقصى9. أما في منطقة الشرق الأوسط، فقد كانت التبعات أشد وطأة على السوق الإسرائيلية؛ إذ خسر مؤشر بورصة تل أبيب حوالي 3.6% من قيمته في جلسة واحدة، بينما هوى سعر صرف الشيكل الإسرائيلي بأكثر من 5% أمام الدولار الأمريكي10. ويعكس هذا الهبوط الحاد حالة الهلع في السوق المحلية الإسرائيلية نتيجة اندلاع الحرب مباشرة وتأثيرها المباشر على الاقتصاد هناك.

تحركات العملات والملاذات الآمنة الأخرى

في سوق العملات، شهد الدولار الأمريكي طلبًا متزايدًا بصفته ملاذًا آمنًا رئيسيًا. وارتفع الدولار مقابل الين الياباني والفرنك السويسري مع اندفاع المستثمرين نحو العملات الأقل مخاطرة11. وسجل الدولار أعلى مستوياته مقابل الين في نحو عام، مدعومًا بحالة عدم اليقين التي دفعت المتعاملين لتفضيل السيولة بالدولار. كما عزز الفرنك السويسري مكانته كعملة آمنة في أوقات الأزمات، مسجلًا ارتفاعات أمام العملات الرئيسية بفعل نفس العوامل12.

على النقيض، تعرضت عملات الأسواق الناشئة والعملات الأكثر ارتباطًا بالمنطقة لضغوط بيع قوية. فقد انخفض الشيكل الإسرائيلي بأكثر من 5% في أقل من 24 ساعة ليسجل حوالى 3.66 شيكل لكل دولار، مقارنة بنحو 3.48 شيكل صباح الخميس13. هذا التراجع أوصل العملة الإسرائيلية إلى أدنى مستوى لها منذ سنوات، مما يزيد تكلفة الواردات ويضغط على المستهلكين والشركات داخل إسرائيل. وبالتوازي مع ذلك، أشارت تقارير إلى تراجع العملة الإيرانية (التومان) أيضًا في السوق الحرة مع تهافت الإيرانيين على شراء الدولار والذهب خوفًا من استمرار التصعيد. إجمالاً، تعكس تحركات أسواق العملات مدى توتر المستثمرين وسعيهم لتحصين محافظهم أمام مخاطر الصراع.

توقعات اتجاه الأسواق في الفترة القريبة

في ظل هذه الأجواء المضطربة، يركز المستثمرون على السيناريوهات المحتملة لمسار الصراع وتأثيره على الأسواق خلال الفترة القريبة. ووفقًا لتحليل نشره موقع أرقام14، يمكن تصور ثلاثة سيناريوهات رئيسية للأحداث المقبلة:

  1. سيناريو أساسي (تهدئة محدودة): يظل التوتر العسكري مرتفعًا لكن دون توسع كبير خارج نطاقه الحالي. في هذا السيناريو المتوقع أن تبقى إمدادات النفط العالمية مستقرة نسبيًا مع تراوح سعر النفط بين 70 و80 دولارًا للبرميل، مما يعني تخلي الأسواق عن الجزء الأكبر من مكاسب الذعر الأولى15. أسواق الأسهم قد تشهد نوعًا من الاستقرار الحذر مع استمرار حالة القلق، فيما أسهم شركات الدفاع مرشحة لتحقيق ارتفاعات مطردة في ظل زيادة الإنفاق العسكري. كذلك، من المتوقع أن تحافظ أسعار الذهب وربما حتى العملات المشفرة مثل بتكوين على اتجاه صعودي معتدل، إذ ينظر بعض المستثمرين إلى الأخيرة باعتبارها “ملاذًا رقميًا” في أوقات الاضطراب.
  2. سيناريو التصعيد الواسع: وهو سيناريو تصاعدي تصبح فيه المواجهة أشمل وتمتد إقليميًا؛ كأن ترد إيران بهجمات صاروخية مكثفة أو تستهدف منشآت حيوية أو تحاول إغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي. في هذه الحالة، يتوقع محللون قفزة كبيرة في أسعار النفط قد تتجاوز حاجز 120 دولارًا للبرميل بسبب احتمال انقطاع جزء كبير من الإمدادات16. مثل هذا التطور سيؤدي غالبًا إلى تراجع حاد في أسواق الأسهم العالمية؛ قد تنخفض المؤشرات الأميركية والأوروبية بنسبة تتراوح بين 10%-15% أو أكثر مع عزوف شديد عن الأصول الخطرة17. بالمقابل ستشهد الأصول الدفاعية والملاذات الآمنة ارتفاعًا قويًا – إذ يُرجح أن يقفز الذهب لمستويات قياسية جديدة ويتجه المستثمرون بكثافة نحو الدولار والسندات الحكومية. ويُنبّه خبراء إلى أن وصول سعر النفط فوق 90 دولارًا للبرميل وبلوغ مؤشر التقلب (VIX) مستوى 30 نقطة فأكثر سيكونان من الإشارات الواضحة على دخول الأسواق حالة ذعر وخوف من هذا السيناريو18.
  3. سيناريو انفراجة دبلوماسية: وهو سيناريو متفائل ينجح فيه المجتمع الدولي سريعًا في احتواء الأزمة عبر الحلول الدبلوماسية وخفض التصعيد. على الرغم من أن احتمالاته ضئيلة حاليًا بحسب معظم التقديرات19، إلا أن حدوثه سيعني ارتياحًا كبيرًا للأسواق. من المتوقع أن تشهد أسواق الأسهم انتعاشًا حادًا يعوّض الخسائر الأخيرة مع عودة الشهية للمخاطرة وزوال شبح الحرب. كما ستتراجع أسعار النفط عن مستوياتها المرتفعة بسرعة في ظل انحسار مخاوف تعطّل الإمدادات، وربما يتراجع الذهب مع انخفاض الطلب على الملاذات الآمنة. هذا السيناريو الإيجابي قد يعيد الثقة إلى الأسواق على المدى القصير ويدفعها لاستئناف مسار التعافي20.

بالطبع، لا يزال الغموض يكتنف مسار الأزمة بين إيران وإسرائيل، مما يُبقي أسواق المال العالمية في حالة ترقب وحذر شديد. ويشير محللون إلى ضرورة مراقبة التطورات الجيوسياسية عن كثب، حيث ستكون أي أنباء عن تصعيد جديد أو تهدئة مفاجئة المحرك الرئيسي لاتجاه الأسواق في الأيام القادمة. في المجمل، تعكس ردود فعل الأسواق الحالية حجم القلق من تأثير الحرب على الأسواق والاستثمارات، مما يدفع المستثمرين لاتخاذ استراتيجيات دفاعية وترقب بانتظار اتضاح الصورة. وحتى تتضح ملامح النزاع ويتم تقييم أبعاده النهائية، ستظل التقلبات سيدة الموقف في أسواق المال العالمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

arAR
Scroll to Top